(بعد ذلك زنيم) أي هو بعد ما عد من معايبه ومثالبه الثمانية دعيٌّ ملصق مستلحق بالقوم، وليس هو منهم، مأخوذ من الزنمة المتدلية في حلق الشاة أو الماعز، وقال سعيد بن جبير: الزنيم المعروف بالشر وقيل هو رجل من قريش كان له زنمة كزنمة الشاة. وقيل هو الظلوم، وقال ابن عباس: له زنمة كزنمة الشاة والعتل هو الدعي والزنيم هو المريب الذي يعرف بالشر وعنه قال: الزنيم الدعي وعنه الزنيم الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها وعنه قال هو الرجل يمر على القوم فيقولون رجل سوء، وقال: أيضاًً الزنيم الظلوم.
وهذه البعدية في الرتبة لا في الخارج، قال الشهاب فبعد هنا كثم للتراخي في الرتبة قال أبو السعود وفيه دلالة على أن دعوته أشد معايبه وأقبح قبائحه؛ وقد قيل أن هذه الآيات نزلت في الأخنس بن شريق لأنه حليف ملحق في بني زهرة؛ وقيل في الوليد بن المغيرة وبه قال الجمهور، وقيل في أبي جهل بن هشام، وقيل في الأسود ابن عَبْد يغوث، قاله ابن عباس.
(أن كان ذا مال وبنين) متعلق بقوله تعالى: (ولا تطع) أي لا تطع من هذه مثالبه لأن كان متمولاً مستظهراً بالبنين، قاله الفراء والزجاج، وقيل متعلق بما دل عليه جملة
(إذا تتلى) من معنى الجحود والتكذيب لا يقال الذي هو جواب الشرط لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله كأنه قيل لكونه مستظهراً بالمال والبنين كذب بآياتنا، وفيه أنه يدل على أن مدار تكذيبه كونه ذا مال وبنين من غير أن يكون لسائر قبائحه دخل في ذلك.
قرىء أن كان بهمزة واحدة على الخبر وقرىء بهمزة واحدة ممدودة على الاستفهام؛ والمراد به التوبيخ والتقريع حيث جعل مجازاة النعم التي خوَّله الله من المال والبنين أن كفر به وبرسوله، وقرىء بهمزتين مخففتين وقرأ نافع في رواية عنه بكسر الهمزة على الشرط وجوابه مقدر أي إن كان كذا يكفر وبحد دل عليه ما بعده.


الصفحة التالية
Icon