رسول الله ﷺ حتى أكلوا الجيف والرمم، والابتلاء الاختبار، والمعنى أعطيناهم الأموال ليشكروا لا ليبطروا فلما بطروا وعادوا محمداً ﷺ ابتليناهم ابتلاء.
(كما بلونا أصحاب الجنة) المعروف خبرهم عندهم، وذلك أنها كانت بأرض اليمن على فرسخين من صنعاء لرجل يؤدي حق الله منها فمات وصارت إلى أولاده، فمنعوا الناس خيرها وبخلوا بحق الله فيها، قال الواحدي هم قوم من ثقيف كانوا باليمن مسلمين ورثوا من أبيهم ضيعة فيها جنات وزرع ونخيل، وكان أبوهم يجعل مما فيها من كل شيء حظاً للمساكين عند الحصاد والصرام، فقالت بنوه المال قليل والعيال كثير، ولا يسعنا أن نفعل كما كان يفعل أبونا وعزموا على حرمان المساكين فصارت عاقبتهم إلى ما قص الله في كتابه (١).
وقال الحسن: كانوا كفاراً قال النسفي: والجمهور على الأول، وقال الكلبي: كان بينهم وبين صنعاء فرسخان، ابتلاهم الله بأن حرق جنتهم وقيل هي جنة كانت بصروان وصروان بالصاد المهملة على فراسخ من صنعاء وكان أصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى بزمن يسير، قاله الزوقاني: في شرح المواهب، وذكره القرطبي أيضاًً ومثله في حواشي البيضاوي، وقال ابن عباس: هم ناس من أهل الحبشة كان لأبيهم جنة وكان يطعم منها المساكين فمات أبوهم فقال بنوه: إن كان أبونا لأحمق كان يطعم المساكين.
_________
(١) ذكر أهل التفسير أن رجلاً كان بناحية اليمن له بستان، وكان مؤمناً. وذلك بعد عيسى ابن مريم عليهما السلام، وكان يأخذ منه قدر قوته، وكان يتصدّق بالباقي. وقيل: كان يترك للمساكين ما تعدَّاه المنجل، وما يسقط من رؤوس النخل، وما ينتثر عند الدِّراس، فكان يجتمع من هذا شيء كثير، فمات الرجل عن ثلاث بنين، فقالوا: والله إن المال لقليل، وإن العيال لكثير، وإنما كان أبونا يفعل هذا إذْ كان المال كثيراً، والعيال قليلاً، وأما الآن فلا نستطيع أن نفعل هذا. فعزموا على حرمان المساكين، وتحالفوا بينهم ليغدُنَّ قبل خروج الناس، فليصرمُنَّ نخلهم، فذلك قوله تعالى: (إذا أقسموا) أي: حلفوا (ليصرمُنها) أي: ليقطعن نخلهم (مصبحين) أي: في أول الصباح. وقد بقيت من الليل ظُلمة لئلا يبقى للمساكين شيء.


الصفحة التالية
Icon