(إذ أقسموا) أي حلف معظمهم إلا الأوسط قال لهم لا تفعلوا واصنعوا من الإحسان ما كان يصنعه أبوكم، قال البقاعي وكأنه تعالى طواه لأنه مع الدلالة عليه بما يأتي لم يؤثر شيئاًً.
(ليصرمنها مصبحين) أي ليقطعنها داخلين في وقت الصباح قبل انتشار الفقراء، والصرام القطع للثمر والزرع، يقال صرم العذق عن النخلة وأصرم النخل أي حان وقت صرامه، والانصرام الانقطاع والتصارم التقاطع والتصرم التقطع، وإذ تعليلية أو ظرفية بنوع تسمح لأن الإقسام كان قبل ابتلائهم، وليصرمنها جواب القسم.
(ولا يستثنون) يعني ولا يقولون إن شاء الله وسمي استثناء وهو الشرط لأن معنى لأخرجن إن شاء الله، ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد قاله الزمخشري، وهذه الجملة مستأنفة لبيان ما وقع منهم أو حال، وقيل المعنى ولا يستثنون للمساكين من جملة ذلك القدر الذي كان يدفعه أبوهم إليهم قاله عكرمة، وقيل المعنى لا يثنون عزمهم عن الحرمان.
(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) أي فنزل على تلك الجنة طائف من جهة الله سبحانه أي هلاك أو بلاء في حال نومهم، والطائف غلب في الشر، قال الفراء هو الأمر الذي يأتي ليلاً ورد عليه بقوله تعالى: (إذا مسهم طائف من الشيطان) وذلك لا يختص بليل ولا نهار، وقرىء طيف، والطائف قيل هو نار أحرقتها حتى صارت سوداء كذا قال مقاتل، وقيل الطائف جبريل اقتلعها، وقال ابن عباس طائف أي أمر من الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال: " قال رسول الله ﷺ إياكم والمعصية فإن العبد ليذنب الذنب الواحد فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيىء له ثم تلا رسول الله ﷺ فطاف عليها الآية قد حرموا خير جنتهم بذنبهم ".
وفي هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان لأنهم عزموا على