والقتيبي: على حرد على منع من قولهم حردت الإبل حرداً إذا قلت ألبانها، والحرود من النوق هي القليلة اللبن، وقال السدي وسفيان والشعبي: على حرد على غضب، وعن قتادة ومجاهد أيضاًً: على حرد على حسد، وقال الحسن أيضاًً: على حاجة وفاقة، وقيل على حرد على انفراد يقال حرد يحرد حرداً وحروداً إذا تنحى عن قومه ونزل منفرداً عنهم ولم يخالطهم. وبه قال الأصمعي وغيره. وقد فسرت الآية الكريمة بجميع ما ذكرت، وقال الأزهري " حرد " اسم قريتهم، وقال السدي اسم جنتهم، قرأ الجمهور حرد بسكون الراء وقرىء بفتحها.
قال الفراء ومعنى (قادرين) قد قدروا أمرهم وبنوا عليه في ظنهم، وأما في الواقع فليس كذلك لهلاك الثمر عليهم وعلى الفقراء، ففي نفس الأمر لم يمنعوهم منه، وقال قتادة قادرين على جنتهم عند أنفسهم، وقال الشعبي يعني قادرين على المساكين. وقال ابن عباس ذوو قدرة أو من التقدير، وهو التضييق أي مضيقين على المساكين.
(فلما رأوها) أي جنتهم وشاهدوا ما قد حل بها من الآفة التي أذهبت ما فيها (قالوا إنا لضالون) أي قال بعضهم لبعض بديهة وصولهم قبل التأمل قد ضللنا طريق جنتنا وليست هذه، قال ابن عباس: أي أضللنا مكان جنتنا وقيل معنى قولهم:
(إنا لضالون) أنهم ضلوا عن الصواب بما وقع منهم، ثم لما تأملوا وعلموا أنها جنتهم وأن الله سبحانه قد عاقبهم بإذهاب ما فيها من الثمر والزرع قالوا مضربين إضراباً إبطالياً لكونهم ضالين.
(بل نحن محرومون) أي حرمنا جنتنا بسبب ما وقع منا من العزم على منع المساكين من خيرها، فأضربوا عن قولهم الأول إلى هذا القول، قيل إن الحق الذي منعه أصحاب الجنة والمساكين يحتمل أنه كان واجباً عليهم، ويحتمل أنه كان تطوعاً والأول أظهر، والله أعلم.