فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٥٢)
(فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) أي لقضائه الذي قد قضاه في سابق علمه، وقيل الحكم هنا هو إمهالهم وتأخير نصرة رسول الله ﷺ عليهم. لأنهم إن أمهلوا لم يهملوا، وقيل هو ما حكم به عليه من تبليغ الرسالة قيل وهذا منسوخ بآية السيف.
(ولا تكن كصاحب الحوت) يعني يونس عليه السلام أي لا تكن مثله في الغضب والضجر والعجلة حتى لا تبتلي ببلائه (إذ نادى) أي لا يكن حالك كحاله أو قصتك كقصته في وقت ندائه، ويدل على المحذوف أن الذوات لا ينصب عليها النهي، وإنما ينصب على أحوالها وصفاتها (وهو مكظوم) مملوء غيظاً وكرباً، وقيل غماً، قال الماوردي والفرق بينهما أن الغم في القلب والكرب في الأنفاس.
قال قتادة: إن الله يعزي نبيه ﷺ ويأمره بالصبر وأن لا يعجل كما عجل صاحب الحوت، وقد تقدم بيان قصته في سورة الأنبياء ويونس والصافات، وكان النداء منه بقوله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وقيل إن المكظوم المأخوذ بكظمه وهو مجرى النفس، قاله المبرد، وقيل هو المحبوس، والكظم الحبس، ومنه قولهم فلان يكظم غيظه أي يحبس غضبه، قاله ابن بحر. والأول أولى، والجملة حال من ضمير نادى وعليها يدور النهي لا على النداء لأنه أمر مستحسن.
(لولا أن تداركه) أي صاحب الحوت (نعمة من ربه) وهي توفيقه للتوبة فتاب الله عليه قال الضحاك: إن النعمة هنا النبوة، وقال سعيد بن


الصفحة التالية
Icon