إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)
(إن هذه) أي ما تقدم من الآيات (تذكرة) أي موعظة، وقيل الإشارة إلى جميع آيات القرآن لا إلى ما في هذه السورة فقط (فمن شاء) النجاة (اتخذ) بالطاعة التي هي أهم أنواعها التوحيد (إلى ربه سبيلاً) أي طريقاً توصله إلى الجنة، وقال القرطبي أي من أراد أن يؤمن ويتخذ بذلك إلى ربه سبيلاً أي طريقاً إلى رضاه ورحمته فليرغب فقد أمكن له لأنه أظهر له الحجج والدلائل.
(إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى) أي أقل، استعير له الأدنى لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الإحياز، وإذا بعدت كثر ذلك (من ثلثي الليل ونصفه) معطوف على أدنى، وقوله: (وثلثه) معطوف على نصفه، والمعنى أن الله يعلم أن رسوله ﷺ يقوم أقل من ثلثي الليل ويقوم نصفه ويقوم ثلثه وبالنصب قرأ ابن كثير والكوفيون، وقرأ الجمهور ونصفه وثلثه بالجر عطفاً على ثلثي الليل، والمعنى أن الله يعلم أن رسوله يقوم أقل من ثلثي الليل وأقل من نصفه وأقل من ثلثه، واختار قراءة الجمهور أبو عبيد وأبو حاتم لقوله الآتي:
(علم أن لن تحصوه) فكيف يقومون نصفه وثلثه وهم لا يحصونه، وقال الفراء النصب أشد بالصواب، لأنه قال أقل من ثلثي الليل ثم فسر نفس القلة.