المقسم به وتفخيمه، كأن معنى لا أقسم بكذا لا أعظمه بإقسامي به حق إعظامه، فإنه حقيق بأكثر من ذلك، وقيل إنها لنفي الإقسام لوضوح الأمر، وقد تقدم الكلام على هذا في تفسير قوله (فلا أقسم بمواقع النجوم).
وقرأ الحسن وابن كثير في رواية عنه والزهري وابن هرمز (لأقسم) بدون ألف على أن اللام لام الابتداء والقول الأول هو أرجح الأقوال، وقد اعتوض عليه، الرازي بما لا يقدح في قوته ولا يفت في عضد رجحانه.
وإقسامه سبحانه بيوم القيامة لتعظيمه وتفخيمه، ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس عن قوله (لا أقسم بيوم القيامة) قال يقسم ربك بما شاء من خلقه.
(ولا أقسم بالنفس اللوامة) ذهب قوم إلى أنه سبحانه أقسم بالنفس اللوامة كما أقسم بيوم القيامة فيكون الكلام في (لا) هذه كالكلام في الأولى وهذا قول الجمهور، وقال الحسن أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة، قال الثعلبي: والصحيح أنه أقسم بهما جميعاً، وجرى الجلال المحلى على زيادتها في الموضعين وهو الصواب، ومعنى النفس اللوامة النفس التي تلوم صاحبها على تقصيره أو تلوم جميع النفوس على تقصيرها في الدنيا أو في القيامة، قال الحسن: هي والله نفس المؤمن لا يرى المؤمن إلا يلوم نفسه ما أردت بكذا، ما أردت بكذا، والفاجر لا يعاتب نفسه.
وقال مجاهد: هي التي تلوم على ما فات وتندم فتلوم نفسها على الشر لِمَ عمله وعلى الخير لِمَ لَمْ يستكثر منه، قال ابن عباس التي تلوم على الخير والشر يقول لو فعلت كذا وكذا، وعنه تندم على ما فات وتلوم عليه.
قال الفراء: ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيراً قالت هلا ازددت، وإن كانت عملت سوءاً قالت ليتني لم أفعل.
وعلى هذا فالكلام خارج مخرج المدح للنفس، فيكون الإقسام بها حسناً سائغاً، وقيل اللوامة هي الملومة المذمومة، قاله ابن عباس فهي صفة


الصفحة التالية
Icon