إلى ربهم يوم القيامة كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر.
قال ابن كثير وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما هو متفق عليه بين أئمة الأسلام وهداة الأنام، وقال مجاهد إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب، وروي نحوه عن عكرمة، وقيل لا يصح هذا إلا عن مجاهد وحده، قال الأزهري وقول مجاهد خطأ لأنه لا يقال نظر إلى كذا بمعنى الانتظار لأن قول القائل نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، فإذا أرادوا الانتظار قالوا نظرته، فإذا أرادوا نظر العين قالوا نظرت إليه، وأشعار العرب وكلماتهم في هذا كثيرة جداً.
ويشهد لصحة هذا أن النظر الوارد في التنزيل بمعنى الانتظار كثير ولم يوصل في موضع بإلى قوله (انظرونا نقتبس من نوركم) وقوله (هل ينظرون إلا تأويله) وقوله (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) والوجه إذا وصف بالنظر وعدِّي بإلى لم يحتمل غير الرؤية.
والأحاديث الصحيحة تعضد قول من فسر النظر في هذه الآية بالرؤية وسيأتي بعضها قال ابن عباس في الآية تنظر إلى الخالق، وعنه قال تنظر إلى وجه ربها.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الآية ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة. أخرجه ابن مردويه.
وعن أبي هريرة قال: " قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب، قالوا لا يا رسول الله، قال فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب، قالوا لا يا رسول الله، قال فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك " أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما (١).
_________
(١) وقد ثبت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الآخرة في الأحد الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها، كحديث أبيّ وأبي هريرة، وهما في " الصحيحين " أن ناساً
-[٤٤٤]-
قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال: " هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب؟ " قالوا: لا يا رسول الله، قال: " إنكم ترون ربكم كذلك " وفي (الصحيحين) عن جرير قال: نظر رسول الله ﷺ القمر ليلة البدر فقال: " إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر، فإن استطعتم أن لا تقلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا ".


الصفحة التالية
Icon