فكفوراً، وهذا على قراءة الجمهور (إمّا) بكسر الهمزة وقرأ أبو السماك وأبو العجاج بفتحها وعلى الفتح هي (أمّا) العاطفة في لغة بعض العرب أو هي التفصيلية وجوابها مقدرة وقيل انتصب شاكراً وكفوراً بإضمار كان والتقدير سواء كان شاكراً أو كان كفوراً.
ولما كان الشكر قل من يتصف به قال شاكراً، ولما كان الكفر كثيراً من يتصف به ويكثر وقوعه عن الإنسان بخلاف الشكر قال كفوراً بصيغة المبالغة، كذا في النهر أو هو مراعاة لرؤوس الآي.
ثم بين سبحانه ما أعد للكافرين فقال:
(إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيراً) قرأ نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم وهشام عن ابن عامر (سلاسلاً) بالتنوين ووقف قنبل عن ابن كثير وحمزة بغير ألف، والباقون وقفوا بالألف، ووجه من قرأ بالتنوين في سلاسل مع كونه صيغة منتهى الجموع أنه قصد بذلك التناسب لأن ما قبله وهو إما شاكراً وإما كفوراً، وما بعده وهو أغلالاً وسعيراً منون أو على لغة من يصرف جميع ما لا ينصرف كما حكاه الكسائي وغيره من الكوفيين عن بعض العرب.
قال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف كل ما لا ينصرف لأن الأصل في الأسماء الصرف وترك الصوف لعارض فيها، قال الفراء هو على لغة من يجر الأسماء كلها إلا قولهم هو أظرف منك فإنهم لا يجرونه، وقيل إن التنوين لموافقة رسم المصاحف المكية والمدنية والكوفية فإنها فيها بالألف، وقيل إن هذا التنوين بدل من حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف.
والسلاسل قد تقدم تفسيرها، والخلاف فيها هل هي القيود أو ما يجعل في الأعناق كما في قول الشاعر:
ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
والسلاسل جمع سلسلة أي يشدون ويسحبون بها في النار، والأغلال جمع غل تغل به الأيدي إلى الأعناق، وقد تقدم تفسير السعير وهي نار مهيجة يعذبون بها.