لتمكنهم فيه تنزيلاً للحال منزلة المحل، وقيل: التقدير واعتقدوا الإيمان أو أخلصوا الإيمان كذا قال أبو علي الفارسي أو تبوأوا الدار وموضع الإيمان، ويجوز أن يكون تبوّأوا مضمناً معنى لزموا، أي لزموا الدار والإيمان ومعنى (من قبلهم) أسلموا في ديارهم، وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل هجرة المهاجرين، وقبل قدوم النبي ﷺ بسنتين، فلا بد من تقدير مضاف، لأن الأنصار إنما آمنوا بعد إيمان المهاجرين، وقيل: من قبل المهاجرين لأنهم سبقوهم في تبوّىء الدار.
وقد أخرج البخاري.
" عن عمر بن الخطاب أنه قال: أوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم " (١).
(يحبون من هاجر إليهم) وذلك أنهم أحسنوا إلى المهاجرين، وأشركوهم في أموالهم ومساكنهم (ولا يجدون) أي لا يجد الأنصار (في صدورهم حاجة) أي حسداً وغيظاً وحزازة فالمراد بالحاجة هذه المعاني، وإطلاق لفظ الحاجة عليها من إطلاق الملزوم على اللازم على سبيل الكناية، لأن هذه المعاني لا تنفك عن الحاجة غالباً، وفي الكلام مضاف محذوف، أي لا يجدون في صدورهم من حاجة أو أثر حاجة، وكل ما يجده الإنسان في صدره مما يحتاج إليه فهو حاجة.
(مما أوتوا) أي مما أوتي المهاجرون دونهم من الفيء بل طابت أنفسهم
_________
(١) رواه البخاري


الصفحة التالية
Icon