كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)
(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ) وقيل: المثل الأول خاص باليهود، والثاني بالمنافقين أي مثل المنافقين في إغراء اليهود على القتال، أو تخاذلهم وعدم تناصرهم، كمثل الشيطان، والمراد به حقيقته لا شيطان الإنس، وقيل: الثاني بيان للأول، ثم بين سبحانه وجه الشبه فقال: (إذ قال للإنسان اكفر) أي أغراه بالكفر: وزينه له وحمله عليه، والمراد بالإنسان هنا جنس من أطاع الشيطان من نوع الإنسان، كما قال مجاهد: المراد بالإنسان هنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم، وقيل: هو أبو جهل، وقيل: هو عابد كان في بني إسرائيل حمله الشيطان على الكفر فأطاعه وهو برصيصاً والأول أولى.
" عن علي بن أبي طالب أن رجلاً كان يتعبد في صومعة، وأن امرأة كان لها إخوة فعرض لها شيء فأتوه بها، فزينت له نفسه فوقع عليها، فحملت، فجاءه الشيطان فقال: اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت، فقتلها ودفنها، فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به، فبينما هم يمشون إذ جاءه الشيطان فقال: إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك فسجد له، فذلك قوله: (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر) الآية أخرجه أحمد في الزهد، والبخاري في تاريخه، والحاكم وصححه، والبيهقي وغيرهم، قلت: وهذا لا يدل على أن هذا الإنسان هو المقصود بالآية، بل يدل على أنه من جملة من


الصفحة التالية
Icon