فكأنه تخلص من ذلك الحزن فعبر عنه بالتنفس.
قال الواحدي تنفس أي امتد ضوؤه حتى يصير نهاراً ومنه يقال للنهار إذا زاد تنفس، وقيل المعنى إذا انشق وانفلق ومنه تنفست القوس أي تصدعت قال ابن عباس إذا تنفس إذا بدا النهار حين طلوع الفجر.
قال الشهاب مناسبته لقرينه ظاهرة على التفسيرين لأن ما قبله إن كان للإقبال فهو أول الليل وهذا أول النهار، وإن كان للإدبار فهذا ملاصق له فبينهما مناسبة الجوار فلا وجه لما قيل من أنه على الأول أنسب انتهى.
ثم ذكر سبحانه جواب القسم فقال
(إنه) أي القرآن (لقول رسول كريم) على الله تعالى يعني جبريل وبه قال ابن عباس لكونه نزل به من جهة الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأضاف القول إلى جبريل لكونه مرسلاً به وقيل المراد بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والأول أولى.
ثم وصف الرسول المذكور بأوصاف محمودة فقال
(ذي قوة عند ذي العرش مكين) أي ذي قوة شديدة في القيام بما كلف به كما في قوله (شديد القوى) ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط الأربع من الماء الأسود وحملها على جناحه فرفعها إلى السماء ثم قلبها، وأنه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين، وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ثم يصعد في أسرع من رد الطرف.
والمعنى أنه ذو رفعة عالية ومكانة مكينة عند الله سبحانه، وهو في محل نصب على الحال من مكين، وأصله الوصف فلما قدم صار حالاً، ويجوز أن يكون نعتاً لرسول يقال مكن فلان عند فلان مكانة أي صار ذا منزلة عنده ومكانة قال أبو صالح من مكانته عند ذي العرش أنه يدخل سبعين سرادقاً بغير إذن.