والمقصود (١) رد قولهم (إنما يعلمه بشر) (افترى على الله كذباً أم به جنة) لا تعداد فضلهما والموازنة بينهما.
ثم إنك إذا أمعنت النظر وقفت على أن إجراء تلك الصفات على جبريل في هذا المقام إدماج لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه بلغ من المكانة وعلو المنزلة عند ذي العرش بأن جعل السفير بينه وبينه مثل هذا الملك المقرب المطاع الأمين، فالقول في هذه الصفات بالنسبة إلى رسول الله ﷺ رفعة منزلة له كالقول في قوله ذي العرش بالنسبة إلى رفعة منزلة جبريل عليه السلام، كذا ذكره الكرخي.
_________
(١) جواب سؤال تقريره أن بعضهم استدل بالآية على فضل جبريل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث عد فضائل جبريل واقتصر على نفي الجنون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجاب المؤلف العلامة عن هذا بقوله والمقصود رد قولهم الخ أهـ السيد ذو الفقار.
(ولقد رآه بالأفق المبين) اللام جواب قسم محذوف أي وتالله لقد رأى محمد صلى الله عليه وآله وسلم جبريل بمطلع الشمس من قبل المشرق، لأن هذا الأفق إذا كانت الشمس تطلع منه فهو مبين، لأن من جهته ترى الأشياء وهذه الرؤية هي الواقعة في غار حراء حين رآه على كرسي بين السماء والأرض، وقيل الأفق المبين أقطار السماء ونواحيها.
وإنما قال سبحانه ذلك مع أنه قد رآه غير مرة لأنه رآه هذه المرة في صورته له ستمائة جناح.
قال سفيان: إنه رآه في أفق السماء الشرقي أي لأنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس، وقال ابن بحر في أفق السماء الغربي، وقال مجاهد: رآه نحو أجياد وهو مشرق مكة، والمبين صفة للأفق، قاله الربيع: وقيل صفة لمن رآه قاله مجاهد.
وقيل معنى الآية ولقد رأى محمد ﷺ ربه عز وجل، وقد تقدم القول في هذا في سورة النجم.