(وإذا القبور بعثرت) أي قلب ترابها الذي أهيل على الأموات وقت الدفن، وأخرج الموتى الذين هم فيها، يقال بعثر يبعثر بعثرة إذا قلب التراب، ويقال بعثر المتاع قلبه ظهراً لبطن وبعثرت الحوض وبعثرته إذا هدمته، وجعلت أعلاه أسفله.
قال الفراء بعثرت أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة وذلك من أشراط الساعة أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها، وقال ابن عباس أي بحثت.
وكررت " إذا " لتهويل ما في حيزها من الدواهي.
قال الرازي المراد من هذه الآيات أنه إذا وقعت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة فهناك يحصل الحشر والنشر، وهي ههنا أربعة اثنان منها يتعلقان بالعلويات واثنان يتعلقان بالسفليات.
والمراد بهذه الآيات بيان تخريب العالم وفناء الدنيا وانقطاع التكاليف، والسماء كالسقف، والأرض كالبناء، ومن أراد تخريب دار فإنه يبدأ أولاً بتخريب السقف ثم يلزم من تخريب السماء انتثار الكواكب، ثم بعد تخريب السماء والكواكب يخرب كل ما على وجه الأرض من البحار، ثم بعد ذلك تخرب الأرض التي فيها الأموات، وأشار لذلك بقوله (وإذا القبور بعثرت).
ثم ذكر سبحانه الجواب عما تقدم فقال
(علمت نفس ما قدمت وأخرت) والمعنى أنها علمته عند نشر الصحف لا عند البعث لأنه وقت واحد من عند البعث إلى عند مصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، والكلام في إفراد نفس هنا كما تقدم في السورة الأولى في قوله:
(علمت نفس ما أحضرت) ومعنى ما قدمت وأخرت ما قدمت من عمل خير أو شر أو أخرت من سنة حسنة أو سيئة لأن لها أجر ما سنته من السنن الحسنة وأجر من عمل بها، وعليها وزر ما سنته من السنن السيئة ووزر من عمل بها.