يقال له أبو جهينة ومعه صاعان، يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فأنزل الله هذه الآية.
قال الفراء: هم بعد نزول هذه الآية أحسن الناس كيلاً إلى يومهم هذا.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما نقص قوم العهد إلا سلط الله عليهم العدو، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين " وهذا الوعيد يلحق كل من يأخذ لنفسه زائداً أو يدفع إلى غيره ناقصاً قليلاً أو كثيراً، لكن إن لم يتب منه فإن تاب قبلت توبته، ومن فعل ذلك وأصر عليه كان مصراً على كبيرة من الكبائر، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والزرع، فلهذا السبب عظم الله أمر الكيل والوزن.
ثم بين سبحانه المطففين من هم فقال
(الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون) الاكتيال الأخذ بالكيل، قال الفراء يريد اكتالوا من الناس، " وعلى " " ومن " في هذا الموضع يعتقبان، يقال اكتلت منك أي استوفيت منك وتقول اكتلت عليك أي أخذت ما عليك، قال الزجاج: إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل.
قال الزمخشري: لما كان اكتيالهم اكتيالاً يضرهم ويتحامل فيه عليهم أبدل " على " مكان " من " للدلالة على ذلك، ويجوز أن يتعلق بيستوفون، وقدم المفعول على الفعل لإفادة الخصوصية أي يستوفون على الناس خاصة، فأما أنفسهم فيستوفون لها قال السمين: وهو حسن.
ولم يذكر اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع فأحدهما يدل على الآخر، قال الواحدي قال المفسرون: يعني الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن، وإذا باعوا ووزنوا لغيرهم نقصوا وهو معنى قوله:
(وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) أي كالوا لهم أو وزنوا لهم


الصفحة التالية
Icon