قيل والظن هنا بمعنى اليقين أي لا يوقن أولئك ولو أيقنوا ما نقصوا الكيل والوزن، وقيل الظن على بابه والمعنى إن كانوا لا يستيقنون البعث فهلا ظنوه حتى يتدبروا فيه ويبحثوا عنه، ويتركوا ما يخشون من عاقبته ويأخذوا بالأحوط.
(ليوم عظيم) هو يوم القيامة، ووصفه بالعظم لكونه زماناً لتلك الأمور العظام من البعث والحساب والعقاب ودخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
عن عبد الملك بن مروان أن أعرابياً قال له قد سمعت ما قال الله في المطففين، أراد بذلك أن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن.
ثم زجر عن ذلك اليوم فقال
(يوم يقوم الناس لرب العالمين) أي يوم يقومون من قبورهم لأمر رب العالمين أو لجزائه أو لحسابه أو لحكمه وقضائه، وفي وصف اليوم بالعظم مع قيام الناس لله خاضعين فيه، ووصفه سبحانه بكونه رب العالمين دلالة على عظم ذنب التطفيف ومزيد إثمه وفظاعة عقابه، وفيما كان مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط والعمل على السوية والعدل في كل أخذ وعطاء بل في كل قول وعمل وحال.
وقيل المراد بقوله يوم يقوم الناس قيامهم في رشحهم إلى أنصاف آذانهم.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " (١).
وقيل المراد قيامهم بما عليهم من حقوق العباد، وقيل المراد قيام الرسل بين يدي الله للقضاء، والأول أولى.
_________
(١) رواه مالك والبخاري ٥/ ٥٣٥ ومسلم ٤/ ٢١٩.


الصفحة التالية
Icon