المستبقون، وقال مقاتل بن سليمان فليتنازع المتنازعون، وهذا لا يكون إلا بالمسارعة إلى الخيرات، والإنتهاء عن السيئات، وقال الزمخشري فليرتقب المرتقبون والمعنى في الجميع واحد.
(ومزاجه) معطوف على ختامه صفة أخرى لرحيق أي ومزاج ذلك الرحيق (من تسنيم) وهو شراب ينصب عليهم من علو وهو أشرف شراب الجنة وأصل التسنيم في اللغة الإرتفاع فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل، ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، ومنه تسنيم القبور.
قال ابن عباس: لما سئل عن هذا: هذا مما قاله الله (فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين) وقال ابن مسعود: عين في الجنة تمزج لأصحاب اليمين ويشربها المقربون صرفاً.
ثم بين سبحانه ذلك فقال
(عيناً يشرب بها المقربون) انتصاب عيناً على المدح، وقال الزجاج: على الحال، وإنما جاز أن يكون عيناً حالاً مع كونها جامدة غير مشتقة لاتصافها بقوله (يشرب بها) وقال الأخفش أنها منصوبة بيسقون، وقال الفراء بتسنيم والأول أولى، وبه قال المبرد قيل والباء في بها زائدة أي يشربها أو بمعنى " من " أي يشرب منها قال ابن زيد: بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش.
ثم ذكر سبحانه بعض قبائح المشركين فقال
(إن الذين أجرموا) وهم كفار قريش كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وأصحابهم من أهل مكة ومن وافقهم على الكفر، حكى الله عنهم أربعة أشياء من العلامات القبيحة أولها:
(كانوا من الذين آمنوا) كعمار وبلال وخباب وصهيب وأصحابهم من فقراء المؤمنين (يضحكون) أي يستهزئون بهم في الدنيا ويسخرون منهم، وآخرها قولهم (إن هؤلاء لضالون) وتقديم الجار والمجرور إما للقصر إشعاراً بغاية شناعة ما فعلوا أو لمراعاة الفواصل.


الصفحة التالية
Icon