المسلمين من جهة الله موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم وأعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم، بل أمروا بإصلاح أنفسهم، فاشتغالهم بذلك أولى بهم من تتبع عورات غيرهم وتسفيه أحلامهم، وهذا تهكم بهم وإشعار بأن ما اجترؤا عليه من القول مات وظائف الرسل من جهته تعالى.
ويجوز أن يكون ذلك من جملة قول المؤمنين كأنهم (قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا علينا حافظين) إنكاراً لصدهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام، قاله أبو السعود والأول أولى وأظهر.
(فاليوم) أي يوم الآخرة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون) يعني أن المؤمنين في ذلك اليوم يضحكون من الكفار حين يرونهم أذلاء مغلوب قد نزل بهم ما نزل من العذاب كما ضحك الكفار منهم في الدنيا.
(على الأرائك ينظرون) أي يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الحال الفظيع والهوان والصغار بعد العزة والاستكبار، وقد تقدم تفسير الأرائك قريباً.
قال الواحدي قال المفسرون أن أهل الجنة إذا أرادوا نظروا من منازلهم إلى أعداء الله وهم يعذبون في النار فضحكوا منهم كما ضحكوا منهم في الدنيا.
وقال أبو صالح يقال لأهل النار أخرجوا ويفتح لهم أبوابها فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون) الخ.
وجملة
(هل ثُوّب الكفار ما كانوا يفعلون) مستأنفة لبيان أنه قد وقع الجزاء للكفار بما كان يقع منهم في الدنيا من الضحك من المؤمنين والاستهزاء بهم، والاستفهام للتقرير، وثوب بمعنى أثيب والمعنى هل جوزي الكفار بما


الصفحة التالية
Icon