(ويصلى سعيراً) أي يدخلها ويقاسي حر نارها وشدتها، قرأ أبو عمرو وحمزة وعاصم يصلي بفتح الياء وسكون الصاد وتخفيف اللام، وقرأ الباقون بضم الياء وفتح اللام وتشديدها، وقرىء بضم الياء وإسكان الصاد من أصلى يصلي.
(إنه كان في أهله) أي عشيرته في الدنيا (مسروراً) باتباع هواه وركون شهوته بطراً أشراً لعدم خطور الآخر بباله أي كان لنفسه متابعاً، وفي مراتع هواه راتعاً، والجملة تعليل لما قبلها.
(إنه ظن) أي علم وتيقن (أن لن يحور) تعليل لكونه كان في الدنيا بين أهله مسروراً والمعنى أن سبب ذلك السرور ظنه بأنه لا يرجع إلى الله ولا يبعث للحساب والعقاب لتكذيبه بالبعث وجحده لدار الآخرة، وأن هي المخففة من الثقيل سادَّة مع ما في حيزها مسد مفعولي ظن، والحور في اللغة الرجوع يقال حار يحور إذا رجع وقال الراغب الحور التردد في الأمر، ومحاورة الكلام مراجعته والمحار المرجع والمصير.
قال عكرمة وداود بن أبي هند: " يحور " كلمة بالحبشية ومعناها يرجع، قال القرطبي: الحور في كلام العرب الرجوع، ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم أني أعوذ بك من الحور بعد الكور " يعني من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وكذلك الحور بالضم، وفي المثل حور في محار أي نقصان في نقصان، والحور أيضاًً الهلكة، قال ابن عباس: يحور يبعث ويرجع.
(بلى إن ربه كان به بصيراً) أي كان به وبأعماله عالماً لا يخفى عليه منها خافية، وبلى إيجاب للمنفي بأن أي بلى ليحورن وليبعثن، وأن ربه جواب قسم مقدر فالجملة بمنزلة التعليل لما أفادته بلى، قال الزجاج كان به بصيراً قبل أن يخلقه عالماً بأن مرجعه إليه.