وقال عكرمة هو ما بقي من النهار، وإنما قالا هذا لقوله بعده (والليل وما وسق) فكأنه تعالى أقسم بالضياء والظلام، ولا وجه لهذا على أنه قد روي عن عكرمة أنه قال الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء، وروي عن أسد بن عمرو الرجوع، وعن عمر بن الخطاب قال الشفق الحمرة، وعن ابن عباس نحوه، وعن أبي هريرة الشفق النهار كله.
وقال الراغب الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس، وقال الزمخشري الشفق الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن أبي حنيفة في إحدى الروايتين أنه البياض وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه انتهى، وسمي شفقاً لرقته ومنه الشفقة على الإنسان وهي رقة القلب عليه.
(والليل وما وسق) أي جمع ما دخل عليه من الدواب وغيرها، والوسق عند أهل اللغة ضم الشيء بعضه إلى بعض يقال استوسقت الإبل إذا اجتمعت وانضمت والراعي يسقها أي يجمعها، قال الواحدي: المفسرون يقولون وما جمع وضم وحوى ولف.
والمعنى أنه جمع وضم ما كان منتشراً بالنهار في تصرفه وذلك الليل إذا أقبل أوى كل شيء إلى مأواه، وقال عكرمة وما وسق أي وما ساق من شيء إلى حيث يأوي فجعله من السوق لا من الجمع، وقيل وما وسق أي وما جن ما ستر، وقيل وما حمل وكل شيء حملته فقد وسقته، والعرب تقول لا أحمله وما وسقت عيني الماء أي حملته ووسقت الناقة تسق وسقاً أي حملت.
قال قتادة: والضحاك ومقاتل بن سليمان: وما وسق وما حمل من الظلمة أو حمل من الكواكب، قال القشيري ومعنى حمل ضم وجمع والليل يحمل بظلمته كل شيء، وقال سعيد بن جبير وما وسق أي وما عمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار، والأول أولى، وقال ابن عباس: ما وسق ما دخل فيه وعنه ما جمع.


الصفحة التالية
Icon