أعظم النيران.
(ثم لا يموت فيها) فيستريح مما هو فيه من العذاب (ولا يحيى) حياة ينتفع بها، ومنه قول الشاعر:

ألا النفس لا تموت فينقضي عناها ولا تحيى حياة لها طعم
وثم للتراخي في مراتب الشدة لأن التردد بين الموت والحياة أفظع من صلي النار الكبرى.
ولما ذكر تعالى وعيد من أعرض عن النظر في دلائل الله أتبعه بالوعد لضده فقال (قد أفلح من تزكى) أي نال الفوز من تطهر من الشرك فآمن بالله ووحده وعمل بشرائعه، قال عطاء والربيع من كان عمله زاكياً نامياً، وقال قتادة: تزكى بعمل صالح، وقال عطاء وقتادة وأبو العالية نزلت في صدقة الفطر، قال عكرمة كان الرجل يقول أقدم زكاتي بين يدي صلاتي، وأصل الزكاء في اللغة النماء.
وقيل المراد بالآية زكاة الأموال كلها. وقيل المراد بها زكاة الأعمال لا زكاة الأموال لأن الأكثر أن يقال في الأموال زكى لا تزكى، قال ابن عباس: من تزكى من قال لا إله إلا الله.
وعن عوف عن النبي ﷺ " أنه يأمر بزكاة الفطر قيل أن يصلي صلاة العيد ويتلو هذه الآية " أخرجه البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه وابن مردويه، وفي لفظ قال " سئل النبي ﷺ عن زكاة الفطر فقال
(قد أفلح من تزكى) قال هي زكاة الفطر " وكثير بن عبد الله ضعيف جداً (١) قال أبو داود وهو ركن من أركان الكذب وقد صحح الترمذي حديثاً من طرقه وخطىء في ذلك.
ولكن يشهد له ما أخرجه ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري " قد كان
_________
(١) أحد رجال إسناد هذا الحديث ولم يذكره المؤلف اقتصاراً.


الصفحة التالية
Icon