(والآخرة خير وأبقى) أي والحال أن الدار الآخرة التي هي الجنة أفضل وأدوم من الدنيا، لأنها تشتمل على السعادة الجسمانية والروحانية، والدنيا ليست كذلك، ولأن الدنيا لذاتها مخلوقة بالآلام، والآخرة ليست كذلك، ولأن الدنيا فانية والآخرة باقية، والباقي خير من الفاني.
قال مالك بن دينار لو كانت الدنيا من ذهب يفنى، والآخرة من خزف يبقى لكان الواجب أن يؤثر خزف يبقى على ذهب يفنى، فكيف والآخرة من ذهب يبقى، والدنيا من خزف يفنى.
(إن هذا) أي ما تقدم من فلاح من تزكى وما بعده، وقيل إنه إشارة إلى جميع السورة (لفي الصحف الأولى) أي ثابت فيها قال النسفي وهو دليل على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة، لأنه جعله مذكوراً في تلك الصحف مع أنه لم يكن فيها بهذا النظم وبهذه اللغة انتهى.
قال الخطيب: لم يُرد تعالى أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف بل معناه أن معنى هذا الكلام في تلك الصحف وفيه بعد لأن أبا حنيفة قد رجع عنه وعليه الاعتماد عند الحنفية وعليه الفتوى منهم وقد وصف الله سبحانه القرآن بكونه عربياً فلا يتم هذا الاستدلال.
(صحف إبراهيم وموسى) بدل من الصحف الأولى قال قتادة وابن زيد يريد بقوله (إِنَّ هَذَا): (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) وقالا تتابعت كتب الله عز وجل أن الآخرة خير وأبقى من الدنيا وقال الحسن تتابعت كتب الله عز وجل إن هذا لفي الصحف الأولى، وهو قوله (قد أفلح) إلى آخر السورة.
قرأ الجمهور صحف بضم الحاء في الموضعين، وقرىء بسكونها فيهما، وقرأ الجمهور " إبراهيم " بالألف بعد الراء وبالياء بعد الهاء، وقرىء بحذفهما وفتح الهاء، وقرأ أبو موسى وابن الزبير إبراهام بألفين.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ " هي كلها في صحف إبراهيم وموسى " أخرجه البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن


الصفحة التالية
Icon