وجملة
(وجوه يومئذ خاشعة) مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما هو أو مستأنفة استئنافاً نحوياً لبيان ما تضمنته من كون ثم وجوه في ذلك اليوم متصفة بهذه الصفات المذكورة، ووجوه مرتفع على الابتداء وإن كان نكرة لوقوعه في مقام التفصيل، وقد تقدم مثل هذا في سورة القيامة وفي سورة النازعات.
والتنوين في يومئذ عوض عن المضاف إليه أي يوم غشيان الغاشية، والخاشعة الذليلة الخاضعة وكل متضائل ساكن يقال له خاشع، يقال خشع الصوت إذا خفي، وخشع في صلاته إذا تذلل ونكس رأسه، والمراد بالوجوه هنا أصحابها قال المحلي عبر بها عن الذوات في الموضعين أي بالجزء عن الكل، وخص الوجه لأنه أشرف أعضاء الإنسان ولأن الذل يظهر عليه أولاً دون غيره، قال مقاتل يعني الكفار لأنهم تكبروا عن عبادة الله، قال قتادة وابن زيد خاشعة في النار.
وقيل أراد وجوه اليهود والنصارى على الخصوص، والأول أولى، وفي البحر: الآية نزلت في القسيسين وعباد الأوثان، وفي كل مجتهد في كفر.
(عاملة) أي أنها تعمل عملاً شاقاً، قال أهل اللغة يقال للرجل إذا دأب في سيره عمل يعمل عملاً، ويقال للسحاب إذا دام برقه قد عمل يعمل عملاً، قيل وهذا العمل هو جر السلاسل والأغلال والخوض في النار والصعود والهبوط في تلالها ووهادها.
(ناصبة) أي تعبة يقال نصب بالكسر ينصب نصباً إذا تعب، والمعنى أنها في الآخرة تعبة لما تلاقيه من عذاب الله، وقيل أن قوله (عاملة) في الدنيا إذ لا عمل في الآخرة أي تعمل في الدنيا بالكفر والمعاصي، وتنصب في ذلك، وقيل إنها (عاملة) في الدنيا (ناصبة) في الآخرة، والأول أولى.
قال قتادة عاملة ناصبة تكبرت في الدنيا عن طاعة الله فأعملها الله


الصفحة التالية
Icon