وأنصبها في النار بجر السلاسل الثقال، وحمل الأغلال، والوقوف حفاة عراة في العرصات (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).
قال الحسن وسعيد بن جبير: لم تعمل لله في الدنيا ولم تنصب فاعملها وانصبها في جهنم، قال الكلبي: يجرون على وجوههم في جهنم، وقال أيضاًً يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب بمعالجة السلاسل والأغلال والخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.
قال ابن عباس: (عاملة ناصبة) تعمل وتنصب، وعنه قال يعني اليهود والنصارى تخشع ولا ينفعها عملها، قرأ الجمهور (عاملة ناصبة) بالرفع فيهما على أنهما خبران آخران للمبتدأ أو على تقدير مبتدأ وهما خبران له، وقرىء بنصبهما على الحال أو على الذم.
وقوله
(تصلى ناراً حامية) خبر آخر للمبتدأ أي تدخل ناراً متناهية في الحر، يقال حمى النار وحمى التنور أي اشتد حرهما، قال الكسائي يقال اشتد حمى النهار وحموه بمعنى، والمعنى قد أحميت وأوقد عليها مدة طويلة، وفي الحديث " أحمى عليها ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أبيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة ".
قرأ الجمهور تصلى بفتح التاء مبنياً للفاعل وقرىء بضمها مبنياً للمفعول وبضم التاء وفتح الصاد وتشديد اللام، والضمير راجع إلى الوجوه على جميع هذه القراآت السبعية، والمراد أصحابها كما تقدم.
وهكذا الضمير في
(تسقى من عين آنية) أي متناهية في الحر، والآني الذي قد انتهى حره من الإيناء بمعنى التأخر، يقال آناه يؤنيه إيناء أي أخره وحبسه، كما في قوله (يطوفون بينها وبين حميم آن) قال الواحدي


الصفحة التالية
Icon