الدائم، وقيل هو استثناء متصل من قوله (فذكر) أي فذكر كل أحد إلا من انقطع طمعك عن إيمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر، والأول أولى، وإنما قال الأكبر لأنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر.
وقرأ ابن مسعود (فإنه يعذبه الله) وقرأ ابن عباس وقتادة (ألا من تولى) على أنها ألا التي للتنبيه والاستفتاح.
(إن إلينا إيابهم) أي رجوعهم بعد الموت بالبعث لا إلى أحد سوانا لا استقلالاً ولا اشتراكاً وفائدة تقديم الظرف التشديد في الوعيد وأن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، وقال ابن عباس أي مرجعهم يقال آب يؤوب إذا رجع، قرأ الجمهور إيابهم بالتخفيف وقرىء بالتشديد، قال أبو حاتم لا يجوز التشديد ولو جاز لجاز مثله في الصيام والقيام، وقيل هما لغتان بمعنى، قال الواحدي وأما إيابهم بتشديد الياء فإنه شاذ لم يجزه أحد غير الزجاج.
(ثم إن علينا حسابهم) يعني جزاءهم بعد رجوعهم إلينا بالبعث في المحشر لا على غيرنا وثم للتراخي في الرتبة لا في الزمان لبعد منزلة الحساب في الشدة عن منزلة الإِياب، وعلى لتأكيد الوعيد لا للوجوب إذ لا يجب على الله شيء، وجمع الضمير في إيابهم وحسابهم باعتبار معنى من كما أن أفراده في يعذبه باعتبار لفظها، وفي تصدير الجملتين بإن وتقديم خبرها وعطف الثانية على الأولى بكلمة ثم المفيدة لبعد منزلة الحساب في الشدة من الإنباء عن غاية السخط الموجب لتشديد العذاب ما لا يخفى.


الصفحة التالية
Icon