الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤) فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)
(الذين طغوا في البلاد) الموصول صفة لعاد وثمود وفرعون أي طغت كل طائفة منهم في بلادهم وتمردت وعتت، والطغيان مجاوزة الحد، ويجوز أن يكون الموصول في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين طغوا أو في محل نصب على الذم.
(فأكثروا فيها الفساد) بالكفر ومعاصي الله والجور على عباده
(فصب) أي أفرغ (عليهم ربك) وألقى على تلك الطوائف (سوط عذاب) وهو ما عذبهم به قال الزجاج جعل سوطه الذي ضربهم به العذاب، يقال صب على فلان خلعة أي ألقاها عليه، ومعنى سوط عذاب نصيب عذاب أو نوع من العذاب. فأهلكت عاد بالريح وثمود بالصيحة وفرعون بالغرق (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ).
وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم هو بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به، وقيل ذكر السوط للدلالة على شدة ما نزل بهم وكان السوط عندهم هو نهاية ما يعذب به.
وقال الفراء هي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب. وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به فجرى لكل عذاب إذ كان فيه عندهم غاية العذاب، وقيل معناه عذاب يخالط اللحم والدم من قولهم ساطه


الصفحة التالية
Icon