يسوطه سوطاً أي خلطه فالسوط خلط الشيء بعضه ببعض، والأولى أنه مجاز واستعارة عن إيقاع العذاب بهم على أبلغ الوجوه وأكملها إذ الصب يشعر بالدوام والسوط بزيادة الإيلام أي عذبوا عذاباً مؤلماً دائماً.
وقوله:
(إن ربك لبالمرصاد) تعليل لما قبله إيذاناً بأن كفار قومه عليه السلام سيصيبهم مثل ما أصاب المذكورين من العذاب كما ينبىء عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام.
وقد قدمنا قول من قال أن هذا جواب القسم، وبه قال ابن مسعود، والأولى أن الجواب محذوف والمعنى أنه يرصد عمل كل إنسان حتى يجازيه عليه بالخير خيراً وبالشر شراً ففيه استعارة تمثيلية قال الحسن وعكرمة أي عليه طريق العباد لا يفوته أحد، والرصد والمرصاد الطريق.
وقد تقدم بيانه في سورة براءة، وقد تقدم أيضاًً عند قوله: (إن جهنم كانت مرصاداً) وقال ابن عباس: بالمرصاد أي يسمع ويرى، وقال ابن مسعود في الآية من وراء الصراط جسور جسر عليه الأمانة وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب عز وجل.
ولما ذكر سبحانه أنه ذكر ما يدل على اختلاف أحوال عباده عند إصابة الخير وعند إصابة الشر، وإن مطمح أنظارهم ومعظم مقاصدهم هو الدنيا فقال:
(فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه) أي اختبره وامتحنه بالنعم (فأكرمه ونعمه) أي أكرمه بالمال ووسع عليه رزقه (فيقول ربي أكرمن) فرحاً بما نال وسروراً بما أعطي، غير شاكر لله على ذلك ولا خاطر بباله أن ذلك امتحان له من ربه واختبار لحاله، وكشف ما يشتمل عليه من الصبر والجزع والشكر للنعمة وكفرانها، وأما هنا لمجرد التأكيد لا لتفصيل المجمل مع التأكيد، وما في (إذا ما) زائدة، وقوله فأكرمه ونعمه تفسير للإبتلاء.


الصفحة التالية
Icon