أحد
ولا يوثق وثاقه أحد) أي لا يعذب كعذاب الله أحد، ولا يوثق كوثاقه ولا يتولى عذاب الله ووثاقه أحد سواه إذ الأمر كله له، والضميران في عذابه ووثاقه لله عز وجل، وهذا على قراءة الجمهور يعذب ويوثق مبنيين للفاعل، وقرىء على البناء للمفعول فيهما فيكون الضميران راجعين إلى الإنسان أي لا يعذب كعذاب ذلك الإنسان أحد ولا يوثق كوثاقه أحد، والمراد بالإنسان الكافر أي لا يعذب من ليس بكافر كعذاب الكافر، وقيل إبليس وقيل المراد به أبيّ بن خلف.
قال الفراء المعنى أنه لا يعذب كعذاب هذا الكافر المعين أحد ولا يوثق بالسلاسل والأغلال كوثاقه أحد، لتناهيه في الكفر والعناد، وقيل المعنى إنه لا يعذب مكانه أحد ولا يوثق مكانه أحد فلا تؤخذ منه فدية وهو كقوله؛ (ولا تزر وازرة وزر أخرى) والعذاب بمعنى التعذيب والوثاق بمعنى التوثيق.
واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة المبني للمفعول وقالا تكون الهاء في الموضعين ضميراً لكافر لأنه معروف أنه لا يعذب كعذاب الله أحد، وقال أبو علي الفارسي يجوز أن يكون الضمير للكافر على قراءة الجماعة أي لا يعذب أحد أحداً مثل تعذيب هذا الكافر.
ولما فرغ سبحانه من حكاية أحوال الأشقياء ذكر بعض أحوال السعداء فقال:
(يا أيتها النفس المطمئنة) والقائل هو الله سبحانه إكراماً للمؤمن كما كلم موسى، أو الملك، وإنما يقال لها ذلك عند الموت أو البعث أو عند دخول الجنة، والنفس المطمئنة هي الساكنة الموقنة بالإيمان وتوحيد الله الواصلة إلى ثلج اليقين بحيث لا يخالطها شك ولا يعتريها ريب.
قال الحسن هي المؤمنة الموقنة، وقال مجاهد الراضية بقضاء الله التي علمت أن ما أخطأها لم يكن لصيبها وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وقال مقاتل هي الآمنة المطمئنة. وقال ابن كيسان المطمئنة بذكر الله تعالى وقيل المخلصة، قال ابن زيد المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث،


الصفحة التالية
Icon