بسم الله الرحمن الرحيم

لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩)
(لا أقسم بهذا البلد) قد تقدم الكلام على هذا في تفسير (لا أقسم بيوم القيامة) ولا زائدة ومن زيادة لا في الكلام في غير القسم قول الشاعر:
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتصدع
أي يتصدع، ومن ذلك قوله تعالى: (ما منعك أن لا تسجد) أي أن تسجد، قال الواحدي: أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة، وبه قال ابن عباس: قرأ الجمهور لا أقسم وقرىء لأقسم من غير ألف، وقيل هو نفي للقسم.
والمعنى لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه، وقال مجاهد إن " لا " رد على من أنكر البعث ثم ابتدأ فقال: " أقسم " والمعنى ليس الأمر كما تحسبون والأول أولى.
والمعنى أقسم بالبلد الحرام وقال الواسطي: أن المراد بالبلد المدينة وهو مع كونه خلاف إجماع المفسرين هو أيضاًً مدفوع بكون السورة مكية لا مدنية، ومكة جعلها الله تعالى: (حراماً آمناً) (ومثابة للناس) وجعل مسجدها قبلة لأهل المشرق والمغرب، وشرفه بمقام إبراهيم وحرم فيه الصيد، وجعل البيت المعمور بإزائه، ودحيت الأرض من تحته فهذه الفضائل وغيرها لما اجتمعت في مكة دون غيرها أقسم بها.
(وأنت حل بهذا البلد) البلد يذكر ويؤنث والجمع بلدان، والبلدة البلد وجمعها بلاد مثل كلبة وكلاب، وقال الواحدي الحل والحلال والمحل


الصفحة التالية
Icon