قال محيي السنة ذكر العقبة ههنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة.
قال صاحب الفرائد هذا تنبيه على أن النفس لا توافق صاحبها في الإنفاق لوجه الله البتة فلا بد من التكليف وتحمل المشقة، والذي توافقه النفس هو الافتخار والمراآت فكأنه تعالى ذكر هذا المثل بإزاء ما قال: (أهلكت مالاً لبداً) والمراد الإنفاق المفيد، وأن ذلك الإنفاق لمضر انتهى.
وفي التمثيل بالعقبة بعد ذكر النجدين ترشيح ثم التقريع عليه بالاقتحام قرينة لتلك المبالغة ذكره الكرخي، ومعنى (فك رقبة) إعتاق رقبة وتخليصها من إسار الرق وكل شيء أطلقته فقد فككته، ومنه فك الرهن وفك الكتاب، فقد بين سبحانه أن العقبة هي هذه القرب المذكورة التي تكون بها النجاة من النار، قرىء فك رقبة على أنه فعل ماض وهكذا أطعم، وقرىء فك وإطعام على أنهما مصدران، وعلى الأولى المعنى فلا أفك ولا أطعم، والفك في الأصل حل القيد سمي العتق فكاً لأن الرق كالقيد، وسمي المرقوق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته.
وقد ثبت الترغيب في عتق الرقاب بأحاديث كثيرة منها ما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من النار حتى الفرج بالفرج ".
(أو إطعام في يوم ذي مسغبة) أي مجاعة. والسغب الجوع، والساغب الجائع، قال الراغب يقال منه سغب الرجل سغباً وسغوباً فهو ساغب وسغبان والمسغبة مفعلة منه، قال النخعي في يوم ذي مسغبة أي عزيز فيه الطعام.
قال ابن عباس مسغبة مجاعة، وعنه جوع، وقيد الإطعام في هذا اليوم لأن إخراج المال في ذلك الوقت أثقل على النفس وأوجب للأجر، قرأ الجمهور