الحيوان وتحرك الإنسان للمعاش، ومنها تلو القمر للشمس بأخذه الضوء عنها، ومنها تكامل طلوعها وبروزها بمجيء النهار، ومنها وجود خلاف ذلك بمجيء الليل، ومن تأمل قليلاً في عظمة الشمس انتقل منها إلى عظمة خالقها فسبحانه ما أعظم شأنه.
(والسماء وما بناها) يجوز أن تكون ما مصدرية أي والسماء وبنيانها، ويجوز أن تكون موصولة وبه قال أبو البقاء أي والذي بناها، وإيثار (ما) على (من) لإرادة الوصفية لقصد التفخيم كأنه قال والقادر العظيم الشأن الذي بناها ورجح الأول الفراء والزجاج ولا وجه لقول من قال أن جعلها مصدرية مخل بالنظم ورجح الثاني ابن جرير قال ابن عباس الله بنى السماء.
(والأرض وما طحاها) الكلام في (ما) هذه كالكلام في التي قبلها ومعنى طحاها بسطها على الماء كذا قال عامة المفسرين كما في قوله: (دحاها) قالوا طحاها ودحاها واحد أي بسطها من كل جانب، والطحو البسط، وقيل معنى طحاها قسمها وقيل خلقها والأول أولى، والطحو أيضاًً الذهاب، قال أبو عمرو بن العلاء طحا الرجل إذا ذهب في الأرض، يقال ما أدري أين طحا، ويقال طحا به قلبه إذا ذهب به.
(ونفس وما سواها) الكلام في (ما) هذه كما تقدم، ومعنى سواها خلقها وأنشأها وسوى أعضائها وعدلها على هذا القانون الأحكم في أعضائها وما فيها من الجواهر والأعراض والمعاني وغير ذلك. قال عطاء يريد جميع ما خلق من الإنس والجن، التنكير للتفخيم أو للتكثير، وقيل المراد نفس آدم:
(فألهمها فجورها وتقواها) أي عرفها وأفهمها حالهما وما فيهما من الحسن والقبح، والإلهام إلقاء الشيء في القلب بطريق الفيض ينشرح له الصدر ويطمئن، فإطلاقه على الفجور تسامح، وقد دفع بحمل الإلهام على مطلق البيان.
قال مجاهد عرفها طريق الفجور والتقوى والطاعة والمعصية، قال الفراء


الصفحة التالية
Icon