قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)
(قد أفلح من زكاها) أي قد فاز من زكى نفسه وأنماها وأعلاها بالتقوى بكل مطلوب وظفر بكل محبوب، وقد قدمنا أن هذا جواب القسم على الراجح، قال الزجاج: صار طول الكلام عوضاً عن اللام، أي والأصل فيه (لقد) وتبعه القاضي قال الشهاب وعند النحاة أن الماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام وقد، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام أو في ضرورة، وأصل الزكاة النمو والزيادة ومنه زكا الزرع إذا كثر، قال ابن عباس يقول قد أفلح من زكى الله نفسه أي بالطاعة.
(وقد خاب من دساها) أي خسر من أضلها وأغواها بالمعصية قال أهل اللغة دساها أصله دسسها من التدسيس وهو إخفاء الشيء في الشيء، فمعنى دساها في الآية أخفاها وأخملها ولم يشهرها بالطاعة والعمل الصالح.
وكانت أجواد العرب تنزل الأمكنة المرتفعة ليشتهر مكانها فتقصدها الضيوف، وكانت لئام العرب تنزل الهضاب والأمكنة المنخفضة ليخفى مكانها عن الوافدين.
وقال ابن الأعرابي المعنى دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم قال ابن عباس قد خاب من دس الله نفسه فأضله، وعنه قال دساها يعني مكر بها، وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الآية " أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس خيبها الله من كل خير " أخرجه أبو حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك،


الصفحة التالية
Icon