بسم الله الرحمن الرحيم

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)
(والليل إذا يغشى) أي يغطي بظلمته ما كان مضيئاً، قال الزجاج يغشى الليل الأفق وجميع ما بين السماء والأرض، فيذهب ضوء النهار وقيل يغشى النهار وقيل يغشى الأرض، والأول أولى، قال ابن عباس إذا يغشى إذا أظلم.
وعن ابن مسعود قال " إن أبا بكر الصديق اشترى بلالاً من أميَّة بن خلف ببردة وعشر أواق فأعتقه لله فأنزل الله (والليل إذا يغشى) إلى قوله، (إن سعيكم لشتى) سعى أبي بكر وأمية وأبيّ إلى قوله (وكذب بالحسنى) قال لا إله إلا الله إلى قوله (فسنيسره للعسرى) قال النار " أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر.
أقسم سبحانه بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه وتسكن الخلق فيه عن التحرك ويغشاهم النوم الذي جعله الله راحة لأبدانهم، وغذاء لأرواحهم، ثم أقسم بالنهار فقال
(والنهار إذا تجلى) أي ظهر وانكشف ووضح لزوال الظلمة التي كانت في الليل بطلوع الشمس لأن النهار إذا جاء انكشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة، وجاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعايشهم وتتحرك الطير من أوكارها والهوام من مكانها، فلو كان الدهر كله ليلاً لتعذر المعاش، ولو كان كله نهاراً لبطلت الراحة فكانت المصلحة في تعاقبهما.


الصفحة التالية
Icon