ومعنى الآية أنه ليس لأحد من الناس عنده نعمة من شأنها أن يجازى عليها حتى يقصد بإيتاء ما يؤتي من ماله مجازاتها، وإنما قال نجزي مضارعاً مبنياً للمفعول لأجل الفواصل، والأصل يجزيها إياه أو يجزيه إياها.
(إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) قرأ الجمهور بالنصب على الإستثناء المنقطع لعدم اندراجه تحت جنس النعمة أي لكن ابتغاء وجه ربه، ويجوز أن يكون منصوباً على أنه مفعول له على المعنى أي لا يؤتي إلا لابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة، قال الفراء هو منصوب على التأويل أي ما أعطيتك ابتغاء جزائك بل ابتغاء وجه الله، وقرىء بالرفع على البدل من محل نعمة لأن محلها الرفع إما على الفاعلية وإما على الابتداء أو (من) مزيدة والرفع لغة تميم لأنهم يجوزون البدل في المنقطع في غير الإيجاب ويجرونه مجرى المتصل.
قال مكي وأجاز الفراء في ابتغاء على البدل من موضع نعمة وهو بعيد.
قلت كأنه لم يطلع عليها قراءة، واستبعاده هو البعيد فإنها لغة فاشية، وقرأ الجمهور أيضاًً ابتغاء بالمد، وقرىء بالقصر. والأعلى نعت للرب.
(ولسوف يرضى) اللام هن الموطئة للقسم أي وتالله لسوف يرضى بما نعطيه من الكرامة والجزاء العظيم، وهو وعد من الكريم تعالى لأبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بنيل جميع ما يبتغيه على أكمل الوجوه وأجلها إذ به يتحقق الرضا، قاله أبو السعود، وقرأ الجمهور يرضى مبنياً للفاعل وقرىء مبنياً للمفعول من أرضاه الله وهو قريب من قوله تعالى في آخر طه (لعلك ترضى) وترضى.


الصفحة التالية
Icon