قلت هذه الأقوال من قبيل لطائف النكات وليس من تفسير كتاب الله في شيء.
(والليل إذا سجى) أي سكن كذا قال قتادة ومجاهد وابن زيد وعكرمة وغيرهم، يقال ليلة ساجية أي ساكنة، ويقال للعين إذا سكن طرفها ساجية، يقال سجى الشيء يسجو سجواً إذا سكن، قال عطاء إذا سجا إذا غطى بالظلمة. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي سجا امتد ظلامه، وقال الأصمعي سجو الليل تغطيته النهار مثل ما يسجى الرجل بالثوب، وقال الحسن غشى بظلامه كل شيء، وقال سعيد بن جبير أقبل، وقال مجاهد أيضاًً استوى والأول أولى وعليه جمهور المفسرين وأهل اللغة، ومعنى سكونه استقرار ظلامه واستواؤه فلا يزاد بعد ذلك، وقال ابن عباس إذا أقبل وعنه قال إذا ذهب.
(ما ودعك ربك) أي ما تركك، قاله ابن عباس وهذا جواب القسم أي ما قطعك قطع المودع، قرأ الجمهور بتشديد الدال من التوديع وهو توديع المفارق، وقرىء بتخفيفها من قولهم ودعه أي تركه والتوديع أبلغ من الودع لأن من ودعك مفارقاً فقد بالغ في ترك.
قال المبرد لا يكادون يقولون ودع ولا وزر لضعف الواو إذا قدمت واستغنوا عنها بترك، قال أبو عبيدة ودعك من التوديع كما يودع المفارق، وقال الزجاج لم يقطع الوحي، والتوديع مستعار استعارة تبعية للترك فإن الوداع إنما يكون بين الأحباب ومن تعز مفارقته، وهذه الحقيقة لا تتصور هنا.
(وما قلى) أي ما أبغضك، قاله ابن عباس: القلاء البغض، يقال قلاه يقليه قلأ وقال ما قلى، ولم يقل وما قلاك لموافقة رؤوس الآي.
(وللآخرة خير لك من الأولى) اللام جواب قسم محذوف أي الجنة خير لك من الدنيا مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أوتي في الدنيا من شرف النبوة ما يصغر عنده كل شرف، وتتضاءل بالنسبة إليه كل مكرمة في


الصفحة التالية
Icon