ثم وصف هذا الوزر فقال
(الذي أنقض ظهرك) قال المفسرون: أي ثقل ظهرك، قال الزجاج: أثقله حتى سمع له نقيض أي صوت. وهذا مثل معناه أنه لو كان حملاً يحمل لسمع نقيض ظهره، وأهل اللغة يقولون، أنقض الحمل ظهر الناقة إذا سمع له صرير من شدة الحمل، قال قتادة: كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ذنوب قد أثقلته فغفرها الله له.
وقوم يذهبون إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها سهل الله ذلك عليه حتى تيسرت له، وكذا قال أبو عبيدة وغيره، وقرأ ابن مسعود (وحللنا عنك وقرك) وقيل معناه عصمناك من الوزر الذي ينقض ظهرك ولو كان ذلك الوزر حاصلاً، قاله الرازي وفيه استعارة تمثيلية حيث سمى العصمة وضعاً مجازاً.
ثم ذكر سبحانه منته وكرامته عليه فقال
(ورفعنا لك ذكرك) وزيادة لك في الموضعين وعنك في موضع تفيد إبهام المشروح والموضوع والمرفوع ثم توضيحه. والإيضاح بعد الإبهام أوقع في الذهن، قال الحسن وذلك أن الله لا يذكر في موضع إلا ذكر ﷺ معه.
قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد؛ ولا صاحب صلاة إلا ينادي فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، قال مجاهد يعني بالتأذين، وعبارة الخطيب تذكر معي في الأذان والإقامة والتشهد ويوم الجمعة على المنابر ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم عرفة وأيام التشريق وعند الجمار وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح ومشارق الأرض ومغاربها، ولو أن رجلاً عبد الله وصدق بالجنة والنار وكل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء وكان كافراً انتهى.
وقيل المعنى ذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك وأمرناهم بالبشارة بك، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه، وقيل رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وعند المؤمنين في الأرض، ونرفع ذكرك في الآخرة بما نعطيك من المقام


الصفحة التالية
Icon