بالتحتية، قال الضحاك أيضاًً (كلا سيعلمون) يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم (ثم كلا سيعلمون) يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم، وقيل بالعكس، وقيل هو وعيد بعد وعيد.
وقيل: المعنى (كلا سيعلمون) عند النزع ما يحل بهم (ثم كلا سيعلمون) عند البعث لأنه يكشف لهم الغطاء حينئذ، وقيل الأول للبعث والثاني للجزاء.
وقال ابن مالك تأكيد لفظي ولا يضر توسط حرف العطف، قال السمين: والنحويون يأبون هذا ولا يسمون إلا عطفاً وإن أفاد التأكيد، قال زاده " ثم " موضوعة للتراخي الزماني وقد تستعمل في التراخي الرتبي كما هنا تشبيهاً لتباعد الرتبة بتباعد الزمان.
ثم ذكر سبحانه بديع صنعه وعظيم قدرته على البعث وأشار إلى الأدلة الدالة عليها وذكر منها تسعة ليعرفوا توحيده ويؤمنوا بما جاء به رسوله فقال:
(ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً) أي قدرتنا على هذه الأمور المذكورة أعظم من قدرتنا على الإعادة بالبعث، فما وجه إنكاركم، لأنه قد تقرر أن الأجسام متساوية الأقدام في قبول الصفات والأعراض.
وهذا الجعل بمعنى الإنشاء والإبداع كالخلق خلا إنه مختص بالإنشاء التكويني، وفيه معنى التقدير والتسوية، وهذا عام له كما في الآية الكريمة، وقيل: الجعل بمعنى التصيير، والمهاد الوطاء والفراش كما في قوله: (الذي جعل لكم الأرض فراشاً) قرأ الجمهور بالجمع، وقرىء مهداً.
والمعنى أنها كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينام عليه، وسمي الممهود بالمهد تسمية للمفعول بالمصدر كضرب الأمير، والأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما ترسى الخيام بالأوتاد.
وفي هذا دليل على أن التساؤل الكائن بينهم هو عن أمر البعث لا عن القرآن ولا عن نبوة محمد ﷺ كما قيل، لأن هذا الدليل إنما يصلح للإستدلال به على البعث.


الصفحة التالية
Icon