قال أبو علي الفارسي سينين فعليل فكررت اللام التي هي نون فيه ولم ينصرف سينين كما لم ينصرف سينا لأنه جعل اسماً للبقعة.
وإنما أقسم بهذا الجبل لأنه بالشام وهي الأرض المقدسة كما في قوله (إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) وأعظم بركة حلت به ووقعت عليه تكليم الله لموسى عليه السلام، قرأ الجمهور سينين بكسر السين وقرىء بفتحها وهي لغة بكر وتميم، وقرىء سيناء بالكسر والمد، وهذه لغات اختلفت في هذا الإسم السرياني على عادة العرب في تلاعبها بالأسماء العجمية.
(وهذا البلد الأمين) يعني مكة سماه أميناً لأنه آمن كما قال الله تعالى (إنا جعلنا حرماً آمناً) يقال أمن الرجل أمانة فهو أمين، قال الفراء وغيره الأمين بمعنى الآمن أو فعيل بمعنى مفعول من أمنه لأنه مأمون الغوائل، قال ابن عباس أي مكة يعنى لأمن الناس فيها جاهلية وإسلاماً (١).
_________
(١) قال ابن كثير: وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار، فالأول محلة التين والزيتون، وهي بيت الممَدس التي بعث الله فيها عيسى بن مريم عليه السلام، والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران، والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً - ﷺ -، قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله في طور سيناء -يعني الذي كلم الله عليه موسى بن عمران- وأشرق من ساعير -يعني جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى،- واستعلن من جبال فاران -يعني جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً - ﷺ -، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم الأشرف منهما.
(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) هذا جواب القسم أي خلقنا جنس الإنسان كائناً في أحسن تقويم وتعديل لصورته، وقال ابن عباس في أحسن خلق.
قال الواحدي قال المفسرون: إن الله خلق كل ذي روح مكباً على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة يتناول مأكوله بيده، مزيناً بالعلم والفهم


الصفحة التالية
Icon