الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي إلا هؤلاء فلا يردون إلى ذلك.
(فلهم أجر غير ممنون) أي غير مقطوع فلهم ثواب دائم غير منقطع على طاعاتهم. فهذه الجملة على القول الأول مبينة لكيفية حال المؤمنين، وعلى الثاني مقررة لا يفيده الإستثناء من خروج المؤمنين عن حكم الرد.
قال ابن عباس في الآية أجر غير منقوص، يقول فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر وكان يعمل في شبابه عملاً صالحاً كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما عمل في كبره، ولم تكتب عليه الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر، وعنه قال من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر. وذلك قوله (ثم رددناه -إلى قوله- الصالحات) قال لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئاًً، وعنه قال يقول إلى الكبر وضعفه فإذا كبر وضعف عن العمل كتب له مثل أجر ما كان يعمل في شبيبته. وأخرج أحمد والبخاري وغيرهما عن أبي موسى قال: قال رسول الله ﷺ " إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ".
(فما يكذبك بعد بالدين) الخطاب للإنسان الكافر والإستفهام للتقريع والتوبيخ ولإلزام الحجة أي إذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم وأنه يردك أسفل سافلين، فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء، وعليه ينبغي أن يذهب إلى الإلتفات من الغيبة إلى الخطاب لما جرى من قوله (ولقد خلقنا الإنسان) وعليه جرى في الكشاف.
وقيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي أي شيء يكذبك يا محمد بعد ظهور هذه الدلائل الناطقة فاستيقن مع ما جاءك من الله أنه أحكم الحاكمين، وإلى هذا ذهب القاضى وقدمه على القول الأول.
قال الفراء المعنى فمن يكذبك أيها الرسول بعد هذا البيان بالدين كأنه قال من يقدر على ذلك أي على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما ظهر من


الصفحة التالية
Icon