اسماً وخبراً نحو الظن والحسبان فلا يقتصر فيه على مفعول واحد، والعرب تطرح النفس من هذا الجنس تقول رأيتني وحسبتني ومتى نراك خارجاً ومتى نظنك خارجاً.
قيل والمراد هنا أنه استغنى بالعشيرة والأنصار والأموال، قرأ الجمهور أن رآه بمد الهمزة وقرىء بقصرها، قال مقاتل كان أبو جهل إذا أصاب مالاً زاد في ثيابه ومركبه وطعامه وشرابه فذلك طغيانه وكذا قال الكلبي.
قال الرازي أول السورة يدل على مدح العلم، وآخرها يدل على ذم المال وكفى بذلك مرغباً في الدين والعلم، ومنفراً عن الدنيا والمال.
ثم هدد سبحانه وخوف فقال
(إن إلى ربك الرجعى) أي المرجع، والرجعى والمرجع والرجوع مصادر، يقال رجع إليه مرجعاً ورجوعاً ورجعى، وتقدم الجار والمجرور للقصر أي الرجعى إليه سبحانه لا إلى غيره، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب تهديداً له وتحذيراً من عاقبة الطغيان، فإن الله يرده ويرجعه إلى النقصان والفقر والموت كما رده من النقصان إلى الكمال حيث نقله من الجمادية إلى الحيوانية، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الذل إلى العز، فما هذا التعزز والقوة، قاله الرازي.
(أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى) قال المفسرون الذي ينهى أبو جهل، والمراد بالعبد محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال ابن عباس هو أبو جهل بن هشام حين رمى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسلى (١) على ظهره وهو ساجد لله عز وجل، وفيه تقبيح لصنعه وتشنيع لفعله، حتى كأنه بحيث يراه كل من تتأتى منه الرؤية.
وعن ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه فبلغ النبي ﷺ فقال لو فعل لأخذته الملائكة عياناً.
_________
(١) كرش الجزور بما فيه من القاذورات.


الصفحة التالية
Icon