الزور والضلال، قال قتادة: مطهرة من الباطل.
قال الشهاب: تطهير الصحف كناية عن كونها ليس فيها باطل على الاستعارة المصرحة أو المكنية وقيل مطهرة من الكذب والشبهات والكفر، والمعنى واحد، وقيل معظمة وقيل لا ينبغي أن يمسها إلا المطهرون، والأول أولى.
والمعنى أنه يقرأ ما تتضمنه الصحف والقراطيس من المكتوب فيها فالكتب بمعنى المكتوبات في القراطيس، فالقرآن يجمع ثمرة كتب الله المتقدمة عليه، والرسول وإن كان أمياً لكنه لما تلا ما في الصحف كان كالتالي لها فصح نسبة تلاوة الصحف إليه وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب وإنما يقرأ بالوحي عن ظهر قلب.
(فيها كتب) صفة لصحف من كتاب أو حال من ضميرها والمراد الآيات والأحكام المكتوبة فيها التي هي مدلول القرآن المكتوب لفظه ونقشه (قيمة) أي مستقيمة مستوية محكمة، من قول العرب قام الشيء إذا استوى وصح، قال صاحب النظم: الكتب بمعنى الحكم كقوله (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) أي حكم، وقوله صلى الله عليه وسلم، في قصة العسيف لأقضين بينكما بكتاب الله، ثم قضى بالرجم وليس الرجم في كتاب الله فالمراد لأقضين بينكما بحكم الله، وبهذا يندفع ما قيل أن الصحف هي الكتب، فكيف قال (صحفاً مطهرة فيها كتب قيمة) وقال الحسن يعني بالصحف التي في السماء يعني في اللوح المحفوظ كما في قوله تعالى: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ).
(وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة) مستأنفة لتوبيخ أهل الكتاب وتقريعهم وبيان أن ما نسب إليهم من عدم الانفكاك لم يكن لاشتباه الأمر بل كان بعد وضوح الحق وظهور الصواب، وأيضاًً تصريح بما أفادته الغاية قبله، وإفراد أهل الكتاب بالذكر بعد الجمع بينهم وبين


الصفحة التالية
Icon