وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (٢٤) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (٢٥) جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (٣٠)
(وسيرت الجبال) عن أماكنها في الهواء كالهباء الذي هو الغبار وقلعت عن مقارها، وقيل معنى سيرت أنها نسفت من أصولها، ومثل هذا قوله: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) (فكانت سراباً) أي هباء منبثاً يظن الناظر أنها سراب، وتخيل الشمس أنها ماء، والمعنى أن الجبال صارت كلا شيء كما أن السراب يظن الناظر أنه ماء وليس بماء.
ذكر سبحانه أحوال الجبال بوجوه مختلفة، وممكن الجمع بينها بأن نقول أول أحوالها الإندكاك وهو قوله: (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة) وثاني أحوالها أن تصير كالعهن المنفوش كما في قوله: (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) وثالث أحوالها أن تصير كالهباء وهو قوله: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا) ورابع أحوالها أن تنسف وتحملها الرياح كما في قوله: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) وخامس أحوالها أن تصير سراباً أي لا شيء كما في هذه الآية.
ثم شرع سبحانه في تفصيل أحكام الفصل فقال:
(إن جهنم كانت مرصاداً) قال الأزهري المرصاد المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو، وقال المبرد مرصاداً يرصدون به أي هو معد لهم يرصد به خزنتها الكفار، قال الحسن إن على الباب رصداً لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليهم، فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجىء بجواز حبس وقال مقاتل محبساً، وقيل طريقاً وممراً.
قال في الصحاح الراصد للشيء الراقب له، يقال رصده يرصده رصداً


الصفحة التالية
Icon