(وإنه على ذلك) أي وأن الإنسان على كنوده (لشهيد) يشهد على نفسه به لظهور أثره عليه، وقيل المعنى وإن الله جل ثناؤه على ذلك من ابن آدم لشهيد؛ وبه قال الجمهور؛ وقال بالأول الحسن وقتادة ومحمد بن كعب؛ وهو أرجح من قول الجمهور لقوله
(وإنه لحب الخير لشديد) فإن الضمير راجع إلى الإنسان والمعنى أنه لحب المال قوي مجد في طلبه وتحصيله متهالك عليه.
يقال هو شديد لهذا الأمر وقوي له. إذا كان مطيقاً له. ومنه قوله تعالى (إن ترك خيراً) وقيل المعنى وإن الإنسان من أجل حب المال لبخيل والأول أولى، واللام في (لحب) متعلقة بشديد، قال ابن زيد سمى الله المال خيراً وعسى أن يكون شراً ولكن الناس يجدونه خيراً فسماه خيراً.
قال الفراء أصل نظم الآية أن يقال وإنه لشديد الحب للخير، فلما قدم الحب قال لشديد وحذف من آخره ذكر الحب لأنه قد جرى ذكره ولرؤوس الآي كقوله (في يوم عاصف) والعصوف للريح لا لليوم كأنه قال في يوم عاصف الريح، قال ابن عباس الخير المال.
(أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) الإستفهام للإنكار، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أيفعل ما يفعل من القبائح فلا يعلم، وهذا تهديد ووعيد، وبعثر معناه نثر وبحث أي نثر ما في القبور من الموتى وبحث عنهم وأخرجوا قال أبو عبيدة: بعثرت المتاع جعلت أسفله أعلاه، وقال الفراء سمعت بعض العرب من بني أسد يقول بحثر بالحاء مكان العين، وقد تقدم الكلام على هذا في قوله (وإذا القبور بعثرت).
(وحصل ما في الصدور) أي ميز وبين ما فيها من الخير والشر، والتحصيل التمييز، كذا قال المفسرون، وقيل حصل أبرز، قرأ الجمهور حصل بضم الحاء وتشديد الصاد مكسوراً مبنياً للمفعول، وقريء حصل بفتح


الصفحة التالية
Icon