الأمر على ما أنتم عليه من التكاثر والتفاخر.
ثم كرر الردع والزجر والوعيد فقال
(ثم كلا سوف تعلمون) ثم للدلالة على، أن الثاني أبلغ من الأول، وقيل الأول عند الموت أو في القبر، والثاني يوم القيامة قال الفراء: هذا التكرار على وجه التغليظ والتأكيد، قال مجاهد: هو وعيد بعد وعيد، وكذا قال الحسن ومقاتل.
وجعله الشيخ جمال الدين بن مالك من التوكيد اللفظي مع توسط حرف العطف، وقال الزمخشري والتكرير تأكيد للردع والرد عليهم، ونقل عن علي (كلا سوف تعلمون) في الدنيا (ثم كلا سوف تعلمون) في الآخرة، فعلى هذا يكون غير مكرر لحصول التغاير بينهما لأجل تغاير المتعلقين، وثم على بابها من المهلة وحذف متعلق العلم في الأفعال الثلاثة لأن الغرض هو الفعل لا متعلقه، والعلم بمعنى المعرفة فيتعدى لمفعول واحد قاله السمين.
(كلا لو تعلمون علم اليقين) أي لو تعلمون الأمر الذي أنتم صائرون إليه علماً يقينياً كعلمكم ما هو متيقن عندكم في الدنيا، وجواب لو محذوف أي لشغلكم ذلك عن التكاثر والتفاخر أو لفعلتم ما ينفعكم من الخير، وتركتم ما لا ينفعكم مما أنتم فيه.
وقال الأخفش: التقدير لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم، و (كلا) في هذا الموضع الثالث للردع والزجر كالموضعين الأولين، وقال الفراء: هي بمعنى حقاً، وقيل هي في المواضع الثلاثة بمعنى ألا، قاله ابن أبي حاتم، قال قتادة اليقين هنا الموت، وعنه قال هو البعث، وعنه كنا نحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت.
وإضافة العلم إلى اليقين من إضافة الموصوف إلى صفته، وفي السمين وعلم اليقين مصدر قيل وأصله العلم اليقين، وقيل لا حاجة إلى ذلك لأن العلم يكون يقيناً وغير يقين فأضيف إليه إضافة العلم للخاص، وهذا يدل على أن اليقين أخص.


الصفحة التالية
Icon