قال الزجاج: قال بعضهم معناه ورب العصر والأول أولى وبه قال ابن عباس، وعنه هو ساعة من ساعات النهار، وقال أيضاًً هو ما قبل مغيب الشمس من العشي.
وأخرج الفريابي وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن علي بن أبي طالب " أنه كان يقرأ والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر " وعن ابن مسعود أيضاً أنه كان يقرأ " إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر "، أخرجه عبد بن حميد.
(إن الإنسان لفي خسر) هذا جواب القسم، والخسر والخسران النقصان وذهاب رأس المال، والمعنى أن كل إنسان في المتاجر والمساعي وصرف الأعمار في أعمال الدنيا لفي نقص وضلال عن الحق حتى يموت، وقيل المراد بالإنسان الكافر، وقيل جماعة من الكفار وهم الوليد بن المغيرة والعاص ابن وائل والأسود بن عبد المطلب بن أسد، والأول أولى لما في لفظ الإنسان من العموم، ولدلالة الاستثناء عليه.
قال الأخفش: في خسر في هلكة، وقال الفراء: في عقوبة، وقال ابن زيد: لفي شر، وقيل لفي نقص، والمعاني متقاربة، قرأ الجمهور (والعصر) بسكون الصاد وقرىء بكسر الصاد وقرأ الجمهور أيضاًً (خسر) بضم الخاء وسكون السين وقرىء بضمهما.
والتنكير في خسر يفيد التعظيم أي في خسر عظيم لا يعلم كنهه إلا الله، فقد جعل الإنسان معموراً في الخسر للمبالغة وأنه أحاط به من كل جانب لأن كل ساعة تمر بالإنسان فإن كانت مصروفة إلى المعصية فلا شك في الخسر، وإن كانت مشغولة بالمباحثات فالخسران أيضاًً حاصل، وإن كانت


الصفحة التالية
Icon