(لا يذوقون فيها) حال من الضمير في (لابثين) أو صفة لأحقاباً أو مستأنفة لبيان ما اشتملت عليه من أنهم لا يذوقون في جهنم أو في الأحقاب (برداً) ينفعهم من حرها (ولا شراباً) ينفعهم من عطشها.
(إلا حميماً) هو الماء الحار (وغساقاً) هو صديد أهل النار، وقيل هو ماء يسيل من صديد أهل النار، والاستثناء منقطع عند من جعل البرد النوم، وبه قال الزمخشري، ويجوز أن يكون متصلاً من قوله: (ولا شراباً) وبه قال أبو حيان، وقضية كلام الكواشي تجويز الأمرين، وقيل أنه بدل من (شراباً) وهو الأحسن لأن الكلام غير موجب.
وقال مجاهد والسدي وأبو عبيدة والكسائي والفضل بن خالد وأبو معاذ النحوي: البرد المذكور في هذه الآية النوم، قال الزجاج: أي لا يذوقون فيها برد ريح ولا ظل ولا نوم، فجعل البرد يشمل هذه الأمور، وإطلاق البرد على النوم لغة هذيل وسمي بذلك لأنه يقطع سورة العطش، ألا ترى أن العطشان إذا نام سكن عطشه ولأنه يبرد صاحبه، والعرب تقول منع البرد البرد يعني أذهب البرد النوم.
وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم: " سئل هل في الجنة نوم فقال: لا، النوم أخو الموت والجنة لا موت فيها " وكذلك النار وقد قال تعالى: (لا يقضى عليهم فيموتوا) وقيل البرد برد الشراب، والشراب الماء، وجعل الزجاج البرد برد كل شيء له راحة، وهذا ينفعهم. فأما الزمهرير فهو برد يتأذون به فلا ينفعهم فلهم منه من العذاب ما الله أعلم به، وقال الحسن وعطاء وابن زيد برداً أي روحاً وراحة.
قرأ الجمهور غساقاً بالتخفيف، وقرأ حمزة والكسائي بتشديد السين وهما سبعيتان، وقد تقدم تفسيره وتفسير الحميم والخلاف فيهما في سورة (ص).
عن ابن مسعود قال زمهرير جهنم يكون لهم من العذاب لأن الله يقول لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً إلا حميماً، قال قد انتهى حره، وغساقاً قد