وقد تقدم صاحب الكشاف إلى هذا القول الخليل بن أحمد؛ والمعنى إن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الجليلة، وقال الكسائي والأخفش: اللام لام العجب أي إعجبوا لإيلاف قريش وقيل هي بمعنى إلى وقرىء لإلف وقرىء ليألف بفتح اللام على أنها لام الأمر، وكذلك هو في مصحف ابن مسعود وفتح لام الأمر لغة معروفة.
قال سليمان الجمل قرأ ابن عامر لإلاف قريش دون ياء قبل اللام الثانية والباقون لإيلاف بياء قبلها، وأجمع الكل على إثبات الياء في الثاني وهو إيلافهم.
ومن غريب ما اتفق في هذين الحرفين أن القراء اختلفوا في سقوط الياء وثبوتها في الأول مع اتفاق المصاحف على إثباتها خطاً واتفقوا على إثبات الياء في الثاني مع اتفاق المصاحف على سقوطها منه خطاً فهو أدل دليل على أن القراء متبعون الأثر والرواية لا مجرد الخط انتهى.
وقريش هم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي ومن لم يلد النضر فليس بقرشي، وقريش يأتي منصرفاً إن أريد به الحي، وغير منصرف إن أريد به القبيلة، وقيل إن قريشاً بنو فهر بن مالك بن النضر والأول أصح.
وقوله
(إيلافهم) تأكيد لفظي ولذلك اتصل بضمير ما أضيف إليه الأول وقيل هو بدل لأنه أطلق المبدل منه وقيد البدل بالمفعول وهو قوله (رحلة الشتاء والصيف) لما فيه من الإبهام في المبدل منه ثم التبيين في البدل، وإنما أفرد الرحلة ولم يقل رحلتي الشتاء لأمن الإلباس، وقيل إن رحلة منصوبة بمصدر مقدر أي ارتحالهم رحلة الشتاء وقيل منصوبة على الظرفية والرحلة الارتحال وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء لأنها بلاد حارة، والرحلة الأخرى إلى الشام في الصيف لأنها بلاد باردة، وروي أنهم كانوا يشتون بمكة ويصيفون في الطائف والأول أولى فإن ارتحال قريش للتجارة