قرأ الجمهور
(وكل شيء) بالنصب على الاشتغال أي وأحصينا كل شيء (أحصيناه) وقرأ أبو السماك برفعه على الابتداء وما بعده خبره، وهذه الجملة معترضة بين السبب والمسبب، وفائدة الاعتراض تقرير ما ادعاه من قوله (جزاء وفاقاً).
وفي انتصاب قوله: (كتاباً) أوجه.
أحدها: أنه مصدر من معنى أحصينا أي إحصاء فالتجوز في نفس المصدر.
والثاني: أنه مصدر لأحصينا لأنه في معنى كتبنا، فالتجوز في نفس الفعل أي لالتقاء الإحصاء والكتب في معنى الضبط والتحصيل.
والثالث: أن يكون منصوباً على الحال أي مكتوباً في اللوح لتعرفه الملائكة، وقيل أراد ما كتبته الحفظة على العباد من أعمالهم، وقيل المراد به العلم لأن ما كتب كان أبعد من النسيان، والأول أولى لقوله: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين).
(فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً) هذه الجملة مسببة عن كفرهم وتكذيبهم بالآيات، والأمر أمر إهانة وتحقير، قال الرازي هذه الفاء للجزاء فنبه على أن الأمر بالذوق معلل بما تقدم شرحه من قبائح أفعالهم ومن الزيادة في عذابهم أنها كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها وكلما خبت النار زادهم الله سعيراً، قيل هذه أشد آية في القرآن على أهل النار كلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه.
قال الرازي وفي هذه الآية مبالغات منها التأكيد بلن، ومنها الالتفات، ومنها إعادة قوله فذوقوا بعد ذكر العذاب.