بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)(إنا أعطيناك الكوثر) قرأ الجمهور هكذا، وقرأ الحسن وابن محيصن وطلحة والزعفراني أنطيناك بالنون قيل هي لغة العرب العاربة أي قضينا لك وخصصناك به فهو لك ولأمتك من قبل وجودك وإن لم تستول عليه وتتصرف فيه إلا في القيامة، فالعطاء ناجز والتمكن والاستيلاء مستقبل، والكوثر فوعل من الكثرة وصف به للمبالغة في الكثرة مثل النوفل من النفل، والجوهر من الجهر، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو القدر أو الخطر كوثراً.
فالمعنى على هذا إنا أعطيناك يا محمد الخير الكثير البالغ في الكثرة إلى الغاية، وذهب أكثر المفسرين كما حكاه الواحدي إلى أن الكوثر نهر في الجنة، وقيل هو حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الموقف، قاله عطاء وقال عكرمة الكوثر النبوة، وقال الحسن هو القرآن وقال الحسن بن الفضل هو تفسير القرآن وتخفيف الشرائع.
وقال أبو بكر بن عياش هو كثرة الأصحاب والأمة، وقال ابن كيسان هو الإيثار، وقيل هو الإسلام، وقيل رفعة الذكر، وقيل نور القلب، وقيل الشفاعة، وقيل المعجزات، وقيل إجابة الدعوة، وقيل لا إله إلا الله وقيل الفقه في الدين، وقيل الصلوات الخمس، وسيأتي بيان ما هو الحق.
وعن أنس قال أغفى رسول الله إغفاءة فرفع رأسه متبسماً فقال: " إنه أنزل عليّ آنفاً سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر، حتى ختمها قال هل تدرون ما الكوثر، قالوا الله ورسوله أعلم، قال هو نهر أعطانيه