وذكر أحد في الإثبات مع أن المشهور أنه يستعمل بعد النفي كما أن الواحد لا يستعمل إلا بعد الإثبات يقال في الدار واحد وما في الدار أحد.
فالجواب عنه ما قال ابن عباس أنه لا فرق بينهما في المعنى، واختاره أبو عبيدة ويؤيده قوله تعالى (فابعثوا أحدكم بورقكم) وعليه فلا يختص أحدهما بمحل دون آخر، وإن اشتهر استعمال أحدهما في النفي والآخر في الإثبات.
ويجوز أن يكون العدول عن المشهور هنا رعاية الفاصلة بعد فدل بقوله (الله) على جميع صفات الكمال وهي الثبوتية كالعلم والقدرة والإرادة وبالأحد على صفات الجلال وهي الصفات السلبية كالقدم والبقاء كذا قال الكرخي.
قرأ الجمهور قل هو الله بإثبات قل، وقرأ ابن مسعود وأبيّ (الله أحد) بدون قل، وقرىء (قل هو الله الواحد) وقرأ الجمهور بتنوين أحد وهو الأصل وقرىء بحذفه للخفة، وقيل إن ترك التنوين لملاقاته لام التعريف فيكون الترك لأجل الفرار من التقاء الساكنين، ويجاب عنه بأن الفرار من التقاء الساكنين قد حصل مع التنوين بتحريك الأول منهما بالكسر.
(الله الصمد) الإسم الشريف مبتدأ والصمد خبره، والصمد هو الذي يصمد إليه في الحاجات أي يقصد لكونه قادراً على قضائها فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض، لأنه مصمود إليه أي مقصود إليه.
قال الزجاج: الصمد السيد الذي انتهى إليه السؤدد فلا سيد فوقه، وقيل معنى الصمد الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزول، وقيل معنى الصمد ما ذكر بعده من أنه الذي لم يلد ولم يولد، وقيل هو المستغني عن كل أحد، والمحتاج إليه كل أحد، وقيل هو المقصود في الرغائب والمستعان به في المصائب، وهذان القولان يرجعان إلى معنى القول الأول، وقيل هو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وقيل هو الكامل الذي لا عيب فيه.
وقال الحسن وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب


الصفحة التالية
Icon